الخميس، 10 يونيو 2010

المساواة بين النساء والرجال+الحجاب

هذه فقرات مختصرة من كتاب الفلسفة القرآنية للكاتب الكبير عباس العقاد :





الأربعاء، 11 نوفمبر 2009

الرد على من يدعي أن محمد جعل قريش أحق بالخلافة

بعض المعارضين للاسلام و لرسالة محمد يتهمون الرسول بحب السلطة لنفسه و لأهله مستدلين بحديثه " الأئمة من قريش" . وفي هذا يرد الشيخ القرضاوي من موقعه الالكتروني ضمن مقالته " دعوى العلمانية الاسلامية" :
أما حديث "الأئمة منا أهل البيت" فلم يصح عن رسول الله ، ولذا لم يعتمده أهل السنة وهم جمهور الأمة.
أما حديث: "الأئمة من قريش" فقد اشتهر بين العلماء، ولكن الشهرة لا تعني دائما: الصحة. ومما يشكِّك في ثبوته: أنه لو كان معروفا لدى الأنصار، ما قال قائلهم يوم السقيفة: منا أمير ومنكم أمير. وهم ليسوا من قريش، ولو كان معروفًا لدى المهاجرين، لردَّ به عليهم أبو بكر، وكفى به حجَّة لو صحَّ. ولكنه لجأ إلى ترجيح المهاجرين باعتبارات اجتماعية، كقوله: إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش!
وعلى كل حال لم يرد الحديث في الصحيحين ولا أحدهما، وإنما ورد بأسانيد لم يسلم سند فيها من مقال، وإنما صحَّحه من صحَّحه بكثرة طرقه وشواهده. كما قال محققو المسند في تخريج الحديث (12307) عن أنس: إن إسناده ضعيف لجهالة راويه: بكير بن وهب الجزري ... ولكن صحَّحوه بكثرة طرقه الضعيفة!
ورأيي: أن الأحاديث الخطيرة التي تقرِّر مبادئ وأصولاً هامة للحياة الإسلامية، لا يجوز أن يقبل فيها ما كان ضعيفا بأصله، وإنما صُحِّح بكثرة طرقه، ولا سيما أن الأئمة المتقدمين مثل: ابن مهدي وابن المديني وابن معين والبخاري وغيرهم، ما كانوا يعتمدون على كثرة الطرق هذه، إنما اشتهرت بين المتأخرين.


المصدر :
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=4467&version=1&template_id=254&parent_id=12

الرد على شبهة ضرب الزوجة في الاسلام




كثير مانسمع باتهامات تشار الى الاسلام باهانة المرأة وابرزها الاتهام بضربها من قبل زوجها.
باستعراض احدى الفتاوى على موقع اسلام أون لاين , اخترت هذه الفتوى للشيخ فيصل المولوي :
قال تعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) آية: 34 سورة النساء .هذه الآية من سورة النساء تبيّن أولاً رعاية الزّوج لزوجته وحمايتها وكفايتها بالنفقة عليها من ماله الخاص .ثمّ تبيّن الآية صنفين من النساء. الصنف الأوّل: (الصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله). والصنف الثاني: (واللاتي تخافون نشوزهنّ). فالأولى المرأة الصالحة والثانية المرأة الفاسدة وهي التي تمرّدت على حقوق زوجها فلم تجبه إليها .وممّا لا شكّ فيه أنّ الحياة مع المرأة الثانية صعبة لا بدّ من إصلاحها لتعود إلى مجراها الطبيعي. وهناك طرق لمعالجة هذا السلوك المنحرف وقد وضع القرآن الكريم خطوات على طريق إصلاحها وتقويمها .1- الخطوة الأولى :أن يعظها ويقول لها إتّقي الله فإنّ لي عليك حقاً وارجعي عمّا أنت عليه... فإن هي لم ترجع وأصرّت على نشوزها انتقل الزّوج إلى الخطوة الثانية .2- الخطوة الثانية: أن يهجرها فيترك جماعها أو يترك النوم في غرفتها، وإن هجرها في الكلام فلا يجوز أكثر من ثلاثة أيام، فإن هي لم ترجع وأصرّت فمن المعلوم أنّ هذا المكابرة ضرب بعرض الحائط لكلّ ما تقدّم من الوعظ والإرشاد والهجر. وهذا كلّه إذا كان هو صاحب حقّ فعلاً، وإذا كانت هي صاحبة تمرّد على حقوقه فعلاً، وهنا أصبحت هي أقرب إلى الطلاق والفراق. وهذا يؤدي إلى ضياع الأولاد وربما تشرّدهم وبالتالي يؤدي إلى دمار الأسرة وتخريبها فهو بين هذا وبين أن يقوم بالخطوة الثالثة .3- الخطوة الثالثة: الضرب الخفيف غير المبرح كالضرب بالسواك ونحوه كما قال عطاء عسى أن تكون وسيلة ناجحة في إصلاحها وهذا الضرب لا شكّ هو شرّ ولكن هو الآن بين شرّين فاختار أهونهما ومع هذا كلّه قال الفقهاء: والأفضل ألاّ يضرب .وإذا رجعنا إلى سيرة الرسول (صلَى الله عليه وسلَم) نجد أنّه لم يستعمل الضرب مع نسائه مطلقاً وإنّما كان إذا بدر منهنّ ما يكرهه كان يخيّرهنّ بين الطلاق بالمعروف أو البقاء معه على تصحيح ما بدر منهنّ فكنّ يخترن النبي (صلَى الله عليه وسلَم) ويعتذرن عمّا بدر منهنّ. وتارة يحرّم شيئاً من الحلال على نفسه بسبب سؤء تصرّف تجاهه من بعض نسائه كما حرّم العسل على نفسه فنزلت الآية بسبب ذلك: (يا أيها النبيّ لم تحرّم ما أحلّ الله لك...) سورة التحريم .ويتبيّن من خلال سيرته عليه الصلاة والسلام أنّه لمّا رفع إليه النساء أنّ أزواجهنّ يضربنهنّ قال: "لا يضرب خياركم ".كما أوصى بالصّبر على المرأة وتحمّلها على اعوجاج مسلكها إن حصل و الآيات والأحاديث كثيرة وفي حجّة الوداع وهي آخر حجّة حجّها عليه الصلاة والسلام وبعدها توفي. خطب بالناس خطبة الوداع على جبل عرفات وقال فيما قال:" أيها الناس استوصوا بالنساء خيراً فإنّهنّ عوان عندكم أخذتموهنّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله فاستوصوا بالنساء خيراً." كما أنّني شخصيا:ً لا أفتي بضرب النساء رغم جوازه بشروطه المذكورة لأنّ هناك طرقا أخرى كثيرة تغني عنه خاصّة في المرأة المعاصرة.والله أعلم

المصدر : موقع اسلام اونلاين.نت - فتاوى الناس


ومن كتاب الفلسفة القرآنية لعباس العقاد أختار هذه الفقرة :




الرد على شبهة زواج الكبير من الطفلة في الاسلام

من المنافذ التي يهاجم بها المعارضون للتشريع الاسلامي و ينتقدونها بشدة هي اعتقادهم بشرعية زواج الكبير من البنت الصغيرة اقتداءا بزواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة و هي في سن تسع سنين.
يجب أن أنوه أنه كان بعض العرب في وقت الرسول محمد-صلى الله عليه و سلم- يزوجون بناتهن ( كعقد فقط و ليس وطء) وهن دون البلوغ لما يرون فيه من مصلحتهن ثم تسلم لزوجها بعد بلوغها واكتمالها وهو ماحدث مع رسول الله في زواجه من السيدة عائشة و قد كانت بالغة وقتها ولم تكن أبدا طفلة دون البلوغ كما يدعون.
ثم ألا يلاحظون أن لا وجود لهذه العادة الآن رغم جوازها شرعا؟
لقد قرأت احدى الفتاوي على موقع اسلام أون لاين قام بها مجموعة من الفقهاء ردا على أحد الأسئلة التي تخص هذه الشبهة و سأقتبس منها مايفيد الموضوع.
مما قاله دكتورمصطفى الزرقا -من كبار علماء سوريا- :
ولا يخفى بأن زواج الصغار لا يخلو من محاذير صحية ، لأن أجهزتهم التناسلية لا تكون مهيأة للجماع بعد ، كما أن الصغار لا يكونون مهيئين نفسياً لممارسة الجنس ، وبخاصة البنت الصغيرة التي يغلب أن تتضرر جسدياً ولاسيما إذا كان زوجها رجلاً كبيراً ! فقد يسبب جماعها مضاعفات نفسية وجسدية سيئة ترافقها طوال حياتها وتؤثر في مستقبلها الجنسي ! ولهذا ذهب الفقهاء إلى أن الزوجة الصغيرة التي لا تحتمل الوطء لا تُسلَّم إلى زوجها حتى تكبر وتصبح في سـن تتحمل فيه الوطء ، حتى وإن كان الزوج عاقلاً أميناً وتعهد ألا يقربها ، لأن هيجان الشهوة فيه قد يحمله على وطئها فيؤذيها ، ورأى الحنابلة أنها إذا بلغت تسـع سنين دفعـت إلى زوجهـا ، لما ثبت في الصحيح من أن النبي صلى الله عليه وسلم ( بنى بعائشة وهي بنت تسع سنين) ولكن إذا خافت البنت على نفسها فلها أن تمنعه من جماعها ، ويستمتع بها كما يستمتع بالحائض ، وذلك حتى تكبـر وتتهيأ للجماع ..ونحن بدورنا ننصح من الوجهة الطبية بعدم الزواج قبل البلوغ على أقل تقدير لأن البلوغ مؤشر فطري يدل على أن الجسم أصبح مهيأً لممارسة الجنس ، كما أن الإنسان بالبلوغ يصل إلى درجة مقبولة من الوعي الاجتماعي الذي يساعده على تكوين الأسرة .. علماً بأن معظم القوانين المعمول بها في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية تمنع الزواجَ قبل سِنِّ الرُّشْدِ ، أو سنِّ ثماني عشرة سنة . انتهى .

ومع اختلاف الأزمان تختلف العادات و الثقافات. قال الدكتور الزرقا :

ولا ننسى أن البنت قديما ما كان يتصور، ولا ينتظر لها سوى الزواج، فلم تكن رهن كلية ولا مدرسة تنتظر التخرج فيها، فإذا اكتملت أنوثتها ونضجت فعلام الانتظار؟ ولا ننسى كذلك أن الثقافة وقتها كانت محدودة، فقد كان بمقدورها أن تحيط بها في سن صغيرة، ولم يكن الحال كما هو عليه الآن من أن الولد ذكرا، أو أنثى يظل يتعثر في القراءة والكتابة حتى يجاوز العاشرة .ففي الوقت الذي نرى فيه أولادنا الآن في عداد الأميين وهم قيد المدارس حتى العاشرة فإن الولد ساعتها ذكرا كان أو أنثى كان يتم حفظ القرآن قبل أن يجاوز التاسعة، ويحفظ من شعر العرب ونثرهم ما يكون ثقافة يفتقدها رجال اليوم فضلا عن أطفالهم .ومن المهم كذلك أن نعرف أن الفقهاء وإن أجازوا تزويج الصغيرة فإنهم منعوا زوجها أن يعاملها معاملة الأزواج حتى تطيق الوطء ، وهذا يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والبيئات .
المصدر : اسلام أونلاين.نت - فتاوى الناس

الأحد، 13 سبتمبر 2009

الاسلام ليس دين قتال أو عداوة

الى من يلبس الاسلام عباءة الارهاب,الأصل في الاسلام السلم وليس القتال:
قال تعالى "وان جنحوا للسلم فاجنح لها"
أما القتال فيكون لمن بدأ بالعداوة أولا:
قال تعالى:
"وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"
"أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"
" وَإِذْ يَمْكُر بِك الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوك أَوْ يَقْتُلُوك أَوْ يُخْرِجُوك وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُر اللَّه وَاَللَّه خَيْر الْمَاكِرِينَ "
" يُخْرِجُونَ الرَّسُول وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ رَبّكُمْ ""وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَك مِنْ الْأَرْض لِيُخْرِجُوك مِنْهَا "
"أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ* الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ"
"الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ"
القتال في حد ذاته له آداب في الاسلام :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تقتلوا شيخًا، ولا امرأة، ولا صبيًا ولا عابدًا أو راهبًا فى صومعته"

الأربعاء، 1 يوليو 2009

قتل المرتد لمجرد تبديل الدين هو إطلاق خاطئ

مقال للكاتب إسلام بحيرى في موقع جريدة اليوم السابع:

لم يدهشنى كثيراً ما قاله الشيخ يوسف البدرى لـ«اليوم السابع» ونشره موقعها الإلكترونى حول قانون الردة، الذى من المفترض أن المرحوم «صوفى أبوطالب» رئيس مجلس الشعب الأسبق، قد اختصه به وأوصاه عليه دون أى أحد آخر فى العالمين, ولكن الدهشة الحقيقية مبعثها هذا الاتجاه الذى ما يزال يختصر الإسلام فى نظر أبنائه ونظر غير أبنائه فى هذا الركن الضيق الذى ينتزع الخطاب النبوى من سياقاته التاريخية والاجتماعية ودلالاته العقلية والتطبيقية ليشهر به سيف إقامة حدود الله, هذا الخطاب الذى لم يخرج بعد من شرنقة التعبد على فهم التراثيين.

وقد قُدِّمت عدة قراءات معاصرة لمفهوم الردة تركزت حول اتجاهين، كلاهما صحيح, أولهما تحقيق ضعف سند الحديث الذى أخرجه «البخارى», وثانيهما حول تناقض معنى الحديث مع صريح آيات القرآن الكريم عن حرية العقيدة, إلا أن ثمة قراءة مغايرة نستطيع من خلالها النظر إلى مدلولات أدق لمفهوم الردة فى العهد النبوى من خلال استعمال اللفظ قرآنيا وكذلك من خلال السياقات التاريخية والاجتماعية لذلك المفهوم، لنستوضح ما إذا كان قتل المرتد تشريعاً مطلقاً خارج التاريخ أم حكما مؤطراً بمساقات ملتبسة ومتقاطعة.

الحديث:
أخرج البخارى: «حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عَلِيَّاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَرَّقَ قَوْمَاً فَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ لأَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا تُعَذِّبُواْ بِعَذَابِ اللهِ وَلَقَتَلْتُهُمْ كَمَا قَالَ النَّبىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ».
وكما ذكرنا فقد اتجهت أغلب الدراسات المعاصرة لتضعيف الحديث وهم على حق فيما ذهبوا, حيث إن تضعيف السند فى ذلك الحديث لا يتطلب كثير جهد ولا احتمال عناء, فهو حديث آحاد يدور على راو واحد وهو «عكرمة» مولى الصحابى «عبدالله ابن عباس» ويعرف كل باحث ومتخصص أن «عكرمة» راو متهم فى عقيدته أولا ثم فى حفظه وضبطه بالكذب الصراح، وقد نعجز عن نقل الأقوال فى تضعيفه وتوهينه من كثرتها وطولها, حتى إن «على بن عبدالله بن عباس» كان يوثقه فى باب الحش ببيته جزاء له وكان يقول فى ذلك: «إنه يكذب على أبى».

ولكننا رغم ذلك سنتخطى المنطوق اللفظى للحديث حتى نتبين ما تواترت به الأخبار عن النبى إزاء واقعات الردة التى حدثت فى العهد النبوى بمرحلتيه المكية والمدنية, لنستجلى المفهوم التطبيقى للردة ومعناها الحقيقى ليكون ذلك مقيداً لإطلاق النص فى حديث «عكرمة» - على صحة فرضه -.

أولاً:

لم يكن مفهوم الردة فى العهد النبوى يعنى تبديل الدين فحسب, بل كان يعنى بالضرورة التنقل بين معسكرين واضحين لا ثالث لهما ولا لبس فيهما, معسكر الكفر ومعسكر الإيمان, وكانت العداوة والحرب بين المعسكرين بينة سافرة لا تحتاج لدليل, لذا فإن الخطاب القرآنى لم يكن يذكر الاشتقاق اللفظى للردة إلا مع بدايات التنزيل فى المدينة, فقد كان مدلول الردة حينها هو «الرجعة والعودة» المكانية باتجاه مكة والدينية باتجاه الكفر والعسكرية باتجاه الحرب والعداء, ويتبين هذا من خلال استقراء الموضعين اللذين ذكرت فيهما الآيات الحكيمة لفظة الردة بقول الله تعالى: «وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِى الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ» البقرة 217, وقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ» المائدة 54.

ففى آية «البقرة» يحذر القرآن المؤمنين من الردة تبعا لما يريده الكافرون, وفى الآية الثانية «المائدة» يقرر رب العزة حكما معلوما بالضرورة أنه سبحانه فى غنى عن عباده وعبادتهم, ولكن الذى يسترعى الانتباه أن الخطاب القرآنى لم يحدثنا عن عقوبة مفترضة لهؤلاء المرتدين كما فى الآيات, وذلك ما يؤكد بداهة ما بدأنا به أن الخطاب القرآنى لم يؤسس لعقوبة صريحة باعتبارهم ضمنا داخلين فى معسكر الكفر, والمعنى من ذلك يؤكد أن الردة الدينية فى المفهوم القرآنى والعهد النبوى لم تكن ردة محضة تقوم على تفكير عقائدى فقط, بل كانت مصاحبة دوما لظروف تاريخية ودينية تكاد تكون حتمية للمرتد، حيث ينضم لمجتمع الضد الذى يؤوى المرتدين ويعزز قولهم فى رمى القرآن وسب الرسول, لذا فإننا لا نجد ولو حالة واحدة فى عهد النبوة لمرتد عن الإسلام لم يركن لمشركى مكة ولم يهج ُ النبى أو يحاربه, لأن الردة الفكرية المبنية على موقف عقائدى لم تكن لتصلح فى هذه الظروف التاريخية فقد كانت فكرة الضد مسيطرة دينياً وسياسياً وحربياً بما يعنى أن المرتد لو قاربنا المعنى لتكييفه القانونى المعاصر فى دستور الدولة الحديثة لكن جرم الارتداد يماثل جرم الخيانة العظمى للدولة, فقد كانت الردة عسكرية ودينية وحتى جغرافية حيث الاحتماء بمكة من المدينة, لذا فإن إطلاق قتل المرتد بعموم اللفظ لمجرد تبديل الدين هو إطلاق خاطئ, والحق أن الردة عملية ذات توابع سياسية وتاريخية واجتماعية انتهت بشكلها الأول للتطبيق مع فتح النبى منتصراً لمكة فى العام الثامن من الهجرة, ولا شك أن استمرار الإطلاق العام للمعنى فى عصور ما بعد الراشدين الأربعة كان بداية لخدمة السلاطين الأموية التى وجدت فى ذلك مسوغاً ومبرراً لقتل المخالفين والمعارضين قتلا شرعيا, وكان هذا إيذانا ببدء امتطاء النصوص وسيلة للأحكام السلطانية والملك العضوض.

ثانياً:

وقعت حوادث عديدة للردة فى العهد النبوى فى مرحلتيه المكية والمدنية مع اختلاف الأحوال بين العهدين, فقد كانت الردة فى مكة قريبة العهد بالتكذيب والريبة فى الرسالة وعدم تصديق الخوارق كالإسراء والمعراج ولمحبة عدم مفارقة العشيرة والقبيلة, لذا نجد القرآن لم يوجه الخطاب للمؤمنين عن الردة فى مكة بالكلية حيث كان تنقية التوحيد وبناء أصل العقيدة أعم وأهم وأبقى, وكان التأكيد على حرية العقيدة فى المرحلة المكية واضحا فى الخطاب القرآنى: «قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ, لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ, وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ, وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ, وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ, لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِين», وفى سورة الكهف: «وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» 29, وذلك الخطاب لم يكن عن ضعف وقلة حيلة كما ذهب أغلب المفسرين القدامى بل كان ذلك تشريعا لأصل من أهم أصول العقيدة, ثم انتقل مجتمع النبوة للعهد المدنى حيث ثبوت قدم الدين والنبوة وشيوع الإيمان وكثرة تعداد المؤمنين, ومع ذلك لم نجد فى التنزيل المدنى إلا زيادة فى التأسيس والتأصيل لمفهوم حرية العقيدة فى قول الله: «إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ» محمد 25, وقوله:» يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ« المائدة 54, فلم يغير حال القوة والمنعة لمجتمع النبوة الخطاب القرآنى الهادف لتأصيل الحرية على عكس ما ادعى التراثيون من تغير لغة القرآن فى المدينة عن مكة, وهو ما يؤكد أن القواعد الأساسية فى الدين تؤصل لذلك, ولكن أدعياء التراث المعاصرين تجدهم يقولون بأن الحديث النبوى ينسخ حكم القرآن ورغم أن ذلك القول لا يصح عند عاقل لكن الرد عليه يكون باستجلاء فعل النبى وحكمه فى ردة من ارتدوا حال حياته, وفعل النبى فى ذلك هو المفسر والضابط للمفهوم القرآنى لحرية اختيار العقيدة, وليس النص المنطوق عند البخارى- على فرض صحته -

ثالثاً:

كان التطبيق النبوى لمفهوم الردة هو التطبيق المبين لدلالة حرية العقيدة فى القرآن, لذا سنحدد النظر فى واقعتين شهيرتين للردة وقعتا فى العهد النبوى وننظر كيف اعتبر النبى المسألة وكيف تعامل معها.

الأول: عبدالله بن أبى السرح:
وكان عبدالله أخا فى الرضاعة لـ«عثمان بن عفان» صاحب رسول الله, وكان قد أسلم بمكة, وهو أحد القلائل من المكيين الذين كانوا يخطون بيمينهم ويعرفون الكتابة فاتخذه النبى كاتبا للوحى, ولكنه بعد فترة أدعى أنه هو الذى كان يلقن النبى الوحى وقال إنه يأتيه مثلما يأتى «محمداً» وعاد أدراجه مرتدا لمعسكر الشرك ولم يكتف بل ظل بعدها طاعنا فى النبوة هازئا بالقرآن.

الثانى: عبدالله بن خطل:
وكان عبدالله له صحبة واستعمله النبى على بعض الصدقة وأصحبه رجلا فى ترحاله يخدمه فلما كان فى أحد أسفاره طلب من خادمه أن يصنع له طعاما ثم استيقظ من نومه ليجد الخادم لم يصنع شيئا, فضربه بالسيف فقتله, وعلم «ابن خطل» أنه لو رجع المدينة سيقتل بالرجل قصاصا فهرب إلى مكة وارتد عن الدين ولم يكتف أيضا, بل أخذ يهجو النبى ويسبه ويعرض به ويسوق لذلك جاريتين عنده لتغنيا هجاء النبى فى طرقات مكة.

إذن نحن أمام حالتين صريحتين ومتماثلتين للردة عن الإسلام المصحوبة بأشد ما يكون من المرتد, ولهذا فإن النبى لما فتح مكة منتصراً كان يعلم بوجودهما فأما الأول «ابن السرح» فقد غيبه أخوه فى الرضاع «عثمان بن عفان» حتى جاء به للنبى ليتوب ويعود للإسلام, وقد سكت النبى عن شفاعة «عثمان» ولم يعقب من شدة جرم «ابن السرح» فى حق النبوة ولو كان النبى قتله لكان حقا لا مراء فيه، لأن ملابسات الارتداد المصاحبة اختلطت كما ذكرنا بسب وطعن فى نزول القرآن, لكن النبى عفا عنه مع تمنيه فى نفسه لو قُتل جزاء بما فعل من قبل شفاعة »عثمان« فيه, أما الثانى »ابن خطل« فقد علم النبى أنه متعلق بأستار الكعبة طالبا الغفران ومبديا الندم إلا أنه أمر بقتله فقتل.

وهنا يتبين الأمر بوضوح، فلو كانت الردة فى ذاتها مصحوبة بعداء أو غير مصحوبة به موجبة للقتل كحد تشريعى لما كان رسول الله سكت عن شفاعة الشافع فى «ابن السرح» لأنه معلوم بالضرورة أنه لا شفاعة فى حد شرعى, ما يؤكد أن الصحابى «عثمان بن عفان» لم يكن ليفعل ذلك إلا بعلمه أنه لا يشفع فى حد من حدود الله, وكانت تلك الواقعة فى فتح مكة فى العام الثامن للهجرة بما يعنى أن فعل النبى كان موافقا للتنزيل القرآنى فى المدينة بلا نسخ ولا تقييد, وقد حاول التراثيون الخروج من هذا المأزق بقولهم إن النبى عفا عن «ابن السرح» فى الحد بالتوبة وفى التعزير بالشفاعة من أخيه, وهو استنتاج مخالف للحقيقة فلو اعتبرنا أن فترة تزيد على التسع سنوات وهى ردة «ابن السرح» تمثل استتابة له فلماذا لم يعف النبى عن «ابن خطل» ويعتبر أن فترة ردته أيضاً - وهى أقل - فترة استتابة, وهذا ما يؤكد أن إمعان النظر فى الحالتين يبين أن العفو عن «ابن السرح» كان لشفاعة من صاحب النبى، وما كانت الشفاعة تقبل فى حد شرعى, وأما الثانى «ابن خطل» فقتله إنما كان قصاصا وليس ردة، بمعنى أن أمر النبى بقتله كان قصاصا منه وجزاء لقتله نفسا مؤمنة بغير حق, وقد كان حينها ما يزال مسلماً, لذا فإن كل الآراء التى أدعت أن قتل «ابن أخطل» كان لردته آراء لم تتمحص الروايات بتؤدة, ما يوضح أن تعامل النبى مع أعتى حالات الردة والطعن فى الدين كان تعاملا عادلا ومباينا ومغايرا للمفهوم المطلق لقتل المرتد لمجرد تبديل الدين.

رابعاً:

ولو نظرنا فى فعل الصحابة لوجدنا فى الحروب التى خاضها الخليفة الأول «أبوبكر الصديق» رضى الله عنه, وعرفت باسم «حروب الردة» لوجدناها حربا قسمت إلى شقين، فالأول هو حرب الخليفة ضد من أنكروا دفع الزكاة الواجبة وهى «حروب مانعى الزكاة», أما الشق الثانى وهم مجموعة مدعى النبوة «مسيلمة الكذاب» و«سجاح التميمية» وهؤلاء لم يكونوا مرتدين فقط بالديانة ولكنهم بدأوا المسلمين بالعداء واستحر قتلهم فى حفاظ القرآن الكريم, ورغم ذلك فإن «سجاح التميمية» قد عادت للإسلام مرة أخرى وظلت كذلك حتى ماتت فى ملك «معاوية» ولم نر من اعتبر أن ردتها وعودتها كانت لفترة استتابة, لذا لم يكن غريبا أن يقرأ الوضع الصحيح من ذلك بعض من أهل التراث.

خامساً:

اختلف الأوائل فى قتل المرأة المرتدة على قولين أحدهما أنها لا تقتل بردتها، وهو قول «ابن عباس» ما يؤكد أنه لو كان قتل المرتد حدا مطلقا لاستحال التمييز فيه بين الرجل والمرأة, لذا فإن بعض الآراء التراثية قد ذهبت باتجاه ما ذهب إليه المعاصرون فى مفهوم الردة فقد قال «ابن القيم»: فأما القتل فجعله عقوبة أعظم الجنايات كالجناية على الأنفس.. وكالجناية على الدين بالطعن فيه والارتداد عنه وهذه الجناية أولى بالقتل.. فإذا حبس شره وأمسك لسانه وكف أذاه والتزم الذل والصغار وجريان أحكام الله ورسوله عليه وأداء الجزية لم يكن فى بقائه بين أظهر المسلمين ضرر عليهم» إعلام الموقعين (3/339).

وهنا يصرح «ابن القيم» أولاً بفكرة قتل المرتد على خلفية الطعن فى الدين بعد ارتداده ثم بين أن التزام المرتد الصغار بألا يطعن فى الدين، وأن يمتثل لأحكام الدين فإنه لا يرى فى بقائه مرتداً بين أظهر المسلمين أى ضرر, وهو اتجاه يكاد يماثل اتجاه الكثير من المعاصرين الذى أكد على أن الارتداد فى ذاته لا يمثل قضية فى الدين، حيث أسس القرآن لحرية العقيدة ولكن مصاحبات الارتداد من العداء والطعن هى الإشكالية اللاحقة, لذا فإن تشريعات الدولة المصرية على سبيل المثال تنص على عقوبة «ازدراء الأديان» وهى المعادل القانونى لفكرة الطعن فى الدين بوجه عام بحيث لا يصبح امتهان الدين كلأ مباحا, وهذا القانون هو الحاكم فى المسألة تبعا لروح الشرع الإسلامى الذى ينص على حرية اختيار العقيدة دون الحاجة لسن قوانين جديدة حول الردة.

إذن:

نحن أمام تأسيس قرآنى صريح لحرية العقيدة إيماناً وكفراً توضح فيه الآيات القصد والمعنى والدلالة من الردة فى القرآن, والتى لم تقترن بعقاب دنيوى إلا عقاب الآخرة, وأمام تأصيل قرآنى لمعنى الردة المقصود فى العهد النبوى وهى ردة الطاعن المحارب, وأمام أدلة من السنة الفعلية للنبى على تباين الأمر فى التعامل مع المرتد عفوا وقصاصا عادلا تبعا لسياقات حددت الأمر وبينته, وأمام فعل متابع لذلك من الصحابة حتى فى حروب المرتدين ومدعى النبوة حيث أكدت الروايات التى صحت عن السيدة عائشة «ابن أبى شيبة 14/572» أن كثيراً من أحياء العرب إلا مكة والمدينة قد ارتدت بعد وفاة النبى ولكن الحرب لم تكن إلا مع المعادى الذى ابتدر المؤمنين فى ديارهم والحرب ليست قصاصا كما هو معلوم, فلماذا بعد كل هذه الأدلة المتقاطرة والقراءات الواضحة فى القرآن والسنة نأتى اليوم لنطعن فى الشريعة بقول بعضهم إن الإسلام يقبل من الشخص الدخول إليه طائعا وينهاه عن الخروج منه أبداً.

لذا فإن إطلاق اللفظ الذى جاء فى البخارى على فرض صحته - إطلاق يخالف المعلوم القرآنى والمعمول النبوى, كما أننا لو تماشينا مع اللفظ الموجود فى البخارى: «من بدل دينه فاقتلوه», بإطلاقه لكانت الاستتابة التى أقرها الفقهاء القدامى ممتنعة حتى لو لمدة ثلاثة أيام, ولكان القتل- حسب نص الحديث - مترتبا فقط على مجرد تبديل الدين دون النظر لتوبة أو رجعة, وهذا ما يبين أن التراثيين قد قيدوا النص الذى أخرجه البخارى مجبرين، لأن إطلاق القتل جزاء عاما على تبديل الدين يخالف كل ما صح من فعل النبى, لذا فلم يكن أمام التراثيين إلا القول إن الاستتابة لها مدة, وقد كان الأحرى بهم طالما قيدوا النص المنطوق عند البخارى بفعل النبى أن ينظروا أيضاً فى مآلات التطبيق النبوى ودواعيه ودلالته، التى تؤكد أن مفهوم الردة لم يكن فى القرآن ولا السنة الصحيحة يعنى تبديل الدين فحسب, بل هو مفهوم يتخطى ذلك كما بينا, ولكن الأحكام السلطانية فى كثير من عصور تلامذة الفقهاء كانت ضاغطة وحاكمة لاستمرار وتأكيد القول بالفهم المطلق للردة لتكون ذريعة مطاطية لطالما كانت وسيلة نافعة وناجعة لقتل المخالفين, حتى لو كان القتل على المذهب والعمل وليس على الكفر والإيمان.

وأخيرا:

فقد استمعت إلى طرف من المناقشات التى دارت فى الدورة التاسعة عشرة لمجمع الفقه الإسلامى الدولى الذى اختتم أعماله بالشارقة مؤخراً, وكانت الطروحات المستنيرة المقدمة من وزير الأوقاف المصرى محمود حمدى زقزوق، والدكتور عبدالله النجار تدور حول ضرورة إعادة النظر وفق اجتهادات معاصرة فى وجوب حد الردة بالمفهوم التراثى المطلق, ولكم آسفنى هجوم الوهابيين المعتاد على هذا الطرح فى كلام مبطن واتهامه بالذعر من منظمات حقوق الإنسان, واتهام الشيخ «محمود شلتوت» بالخلط والخطأ لأنه كان يرى أن حديث الردة من أحاديث الآحاد التى لا يقام عليها عقيدة, وقد أحسن الشيخ رحمه الله فى اجتهاده هذا والذى قال به كثير من الأوائل قبل ظهور عصر تقديس كتب البشر وجعلها مصاحف من دون الله فى القرن الرابع الهجرى.

وهكذا كان قدر الإسلام قديما أن تتوارى كثيراً من سماحة شريعته خلف مستنقعات الفهم الفقهى الضيق, وخلف القراءات العاكفة حديثا على النصوص المضافة لنصوص الأصل من فهم التراثيين لتمثل سدا وعائقا على استجلاء روح الشريعة الحقة واستفهام نصوصها من صريح القرآن وصحيح السنة, لذا فإنه لا بديل للإصلاح إلا أن يثابر على تقديم القراءات المعاصرة فى وجه هؤلاء الذين يحبون إثارة الجلبة، طمعا أن يكونوا دوما تحت بقعة الضوء, القراءات التى تنظر للنصوص من خلال السياقات المغايرة والفروق فى توجيه الخطاب بين القرآن والسنة, والنظر من خلال مقاصد الشريعة نحو التجديد الحقيقى لنخطوا ولو خطوة واحدة للأمام أو نصعد ولو قدما واحدة من داخل البئر.

الثلاثاء، 30 يونيو 2009

ردا على وصف عرش الله بالأسطورة

قرأت هذه المقالة من موقع شبكة اللادينين العرب , و اللادينيين بالمناسبة هم أناس رفضوا اتباع أي من الأديان السماوية.
المقالة بعنوان "مصادر أسطورة عرش الله العائم على المياه الازلية"
يدعي فيها الكاتب أن وصف عرش الله عز وجل في الاسلام و الأديان السماوية و صفته بأنه على الماء أو تحمله الملائكة انما هو فكرة مستنسخة من الأساطير القديمة للسومريين و البابليين و الفراعنة !!!

http://ladeenyon.net/joomla/index.php/2008-06-06-12-26-44/216-2008-06-14-18-22-25

وبدأ الكاتب مقالته بوصف عرش الله تعالى في الديانة اليهودية واصفا اياها باقدم الديانات الشرقية (وهذا أول خطا) قائلا:

فاقدم الديانات الشرقية ( اليهودية ) تروى لنا اسفارها المقدسة ان لله عرش او كرسى جالس عليه منذ القدم , وان هذا العرش تحمله ملائكة مجنحة ويقف امامه جنود السماء عن يميبنه وعن يساره.

وذكر بعض النصوص من التوراة الدالة على ذلك.
وبالطبع فقد نسي - أو تناسى- ذلك الكاتب ان الديانات قديمة بقدم البشرية حيث أن أول انسان عاقل خلقه الله تعالى على سطح الأرض كان نبيا وهو آدم عليه السلام ثم توالى بعده باقي الأنبياء برسالاتهم وليس موسى عليه السلام بأول الأنبياء , أي أن الديانات سبقت الأساطير في الظهور وليس العكس.
ثم يعرض الكاتب نصوص من الديانة المسيحية تحمل نفس المعنى ثم يتساءل,كيف وصلت هذه الفكرة للاسلام الا اذا كانت هي أيضا بدورها استنساخا من الأساطير القديمة بل من الديانات السابقة ؟ !!!
بالنسبة للأساطير القديمة فكما قلت ان الدين سبق الاسطورة في الظهور و بالتالي قد تكون الاساطير هي من اقتبست هذه الفكرة من الديانات وليس العكس وبالنسبة لاقتباس الاسلام من اليهودية و المسيحية فأنا أستغرب...ألا يعلم الكاتب أن هذه الديانات والكتب السماوية على اختلافها قد أتت من مصدر واحد وهو الله ؟؟؟ فكيف للرواية أن تتغير؟وللعلم فان هذا ليس الشيء الوحيد المشترك بين هذه الديانات فهل نسمي كل تشابه بينها اقتباسا ؟؟؟
ثم يعرض الكاتب قصة خلق آلهة السومريين و البابليين من ماء متجاهلا الفرق الكبير بين رواية الاسلام والروايات الاسطورية,فالله تعالى في الاسلام لم يخلق من الماء وانما خلق هو الماء كما خلق العرش قبل خلق السموات والارض وقد اجتهد في ذلك بعض
القدماء,فنقلا عن تفسير القرطبي لآية " وهو الذى خلق السموات والارض فى ستة أيام وكان عرشه على الماء"

" يقول كعب:خَلَقَ اللَّه يَاقُوتَة خَضْرَاء فَنَظَرَ إِلَيْهَا بِالْهَيْبَةِ فَصَارَتْ مَاء يَرْتَعِد مِنْ مَخَافَة اللَّه تَعَالَى ; فَلِذَلِكَ يَرْتَعِد الْمَاء إِلَى الْآن وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا , ثُمَّ خَلَقَ الرِّيح فَجَعَلَ الْمَاء عَلَى مَتْنهَا , ثُمَّ وَضَعَ الْعَرْش عَلَى الْمَاء "

وغيرها من الاجتهادات.
وبالتالي فالماء ليس مادة أزلية كما يدعي وانما هي مادة مخلوقة خلقها الله تعالى قبل خلق السموات والأرض شأنها شأن بقية المخلوقات
وماأثار دهشتني استعانته بالاية الكريمة :" وجعلنا من الماء كل شئ حى" رغم انها لاتخص موضوعنا هنا من قريب أو من بعيد فهي تشير الى أن جميع المخلوقات مخلوقة (أو يدخل في تركيبها بشكل أساسي) الماء كما جاء في تفسير ابن كثير:

"وَقَوْله " وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاء كُلّ شَيْء حَيّ " أَيْ أَصْل كُلّ الْأَحْيَاء . قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو الْجُمَاهِر حَدَّثَنَا سَعِيد بْن بَشِير حَدَّثَنَا قَتَادَة عَنْ أَبِي مَيْمُونَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ قَالَ يَا نَبِيّ اللَّه إِذَا رَأَيْتُك قَرَّتْ عَيْنِي وَطَابَتْ نَفْسِي فَأَخْبِرْنَا عَنْ كُلّ شَيْء قَالَ " كُلّ
شَيْء خُلِقَ مِنْ مَاء
"

والتفسير لا يشير بالمرة ان الذات الالهية مخلوقة من ماء أو ان الماء مادة أزلية فلماذا استعان بهذه الآية؟
والغريب انه نقل تفسير ابن كثير في آية "وكان عرشه على الماء" ولم ينقل منه تفسير آية"وجعلنا من الماء كل شيء حي" ولو فعل ماكان ليستعين بها في بحثه.
وفي وصف الكاتب للعرش وكيف ذكر في القرآن محمولا من قبل الملائكة ومنهم ايضا حافون من حول العرش وكيف ان الله استوى على عرشه بعد خلق السموات والأرض فانه يتهم القرآن بنقل صورة مادية ملموسة عن الذات الالهية وعرشه المحمول من قبل
الملائكة المخلوقين وهو امر حير المسلمين طويلا:
{الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون}
{والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية }
{ وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين}
واستغرب الكاتب من فتوى العلماء بخصوص تلك الآيات : "فكان على المسلم ان يؤمن باستواء الله على العرش دون ان يسأ ل عن الكيفية "...ولم لا؟ ...ان الله تعالى فعلا "ليس كمثله شيء"" و ما أدراك ان العرش هو عرش ملموس و محمول فعلا؟ انما قد يكون هذا
تصوير مجازي لأن الحقيقة تفوق قدرة العقل البشري على التخيل وهل الماء الذي يحمل فوقه العرش قبل خلق الملائكة و الخلق هو ماء فعلا كالذي نعرفه و نشربه؟ماأدراك بهذا؟
وهكذا لا نستطيع تطبيق خواص المادة على الذات الالهية لأنه تعالى خالق هذه المادة وخالق قوانينها فلا يسري عليه أي منها كقانون الجاذبية "في تصورنا لفكرة الثقل وحمل العرش" و قانون المكان"كتواجد الملائكة حافين حول العرش" وقانون الزمان"كتواجد العرش على الماء قبل خلق السموات والأرض".
ذوالجلال والاكرام تبارك وتعالى عن كل مالايليق به ...