قرأت هذه المقالة من موقع شبكة اللادينين العرب , و اللادينيين بالمناسبة هم أناس رفضوا اتباع أي من الأديان السماوية.
المقالة بعنوان "مصادر أسطورة عرش الله العائم على المياه الازلية"
يدعي فيها الكاتب أن وصف عرش الله عز وجل في الاسلام و الأديان السماوية و صفته بأنه على الماء أو تحمله الملائكة انما هو فكرة مستنسخة من الأساطير القديمة للسومريين و البابليين و الفراعنة !!!
http://ladeenyon.net/joomla/index.php/2008-06-06-12-26-44/216-2008-06-14-18-22-25
وبدأ الكاتب مقالته بوصف عرش الله تعالى في الديانة اليهودية واصفا اياها باقدم الديانات الشرقية (وهذا أول خطا) قائلا:
فاقدم الديانات الشرقية ( اليهودية ) تروى لنا اسفارها المقدسة ان لله عرش او كرسى جالس عليه منذ القدم , وان هذا العرش تحمله ملائكة مجنحة ويقف امامه جنود السماء عن يميبنه وعن يساره.
وذكر بعض النصوص من التوراة الدالة على ذلك.
وبالطبع فقد نسي - أو تناسى- ذلك الكاتب ان الديانات قديمة بقدم البشرية حيث أن أول انسان عاقل خلقه الله تعالى على سطح الأرض كان نبيا وهو آدم عليه السلام ثم توالى بعده باقي الأنبياء برسالاتهم وليس موسى عليه السلام بأول الأنبياء , أي أن الديانات سبقت الأساطير في الظهور وليس العكس.
ثم يعرض الكاتب نصوص من الديانة المسيحية تحمل نفس المعنى ثم يتساءل,كيف وصلت هذه الفكرة للاسلام الا اذا كانت هي أيضا بدورها استنساخا من الأساطير القديمة بل من الديانات السابقة ؟ !!!
بالنسبة للأساطير القديمة فكما قلت ان الدين سبق الاسطورة في الظهور و بالتالي قد تكون الاساطير هي من اقتبست هذه الفكرة من الديانات وليس العكس وبالنسبة لاقتباس الاسلام من اليهودية و المسيحية فأنا أستغرب...ألا يعلم الكاتب أن هذه الديانات والكتب السماوية على اختلافها قد أتت من مصدر واحد وهو الله ؟؟؟ فكيف للرواية أن تتغير؟وللعلم فان هذا ليس الشيء الوحيد المشترك بين هذه الديانات فهل نسمي كل تشابه بينها اقتباسا ؟؟؟
ثم يعرض الكاتب قصة خلق آلهة السومريين و البابليين من ماء متجاهلا الفرق الكبير بين رواية الاسلام والروايات الاسطورية,فالله تعالى في الاسلام لم يخلق من الماء وانما خلق هو الماء كما خلق العرش قبل خلق السموات والارض وقد اجتهد في ذلك بعض
القدماء,فنقلا عن تفسير القرطبي لآية " وهو الذى خلق السموات والارض فى ستة أيام وكان عرشه على الماء"
" يقول كعب:خَلَقَ اللَّه يَاقُوتَة خَضْرَاء فَنَظَرَ إِلَيْهَا بِالْهَيْبَةِ فَصَارَتْ مَاء يَرْتَعِد مِنْ مَخَافَة اللَّه تَعَالَى ; فَلِذَلِكَ يَرْتَعِد الْمَاء إِلَى الْآن وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا , ثُمَّ خَلَقَ الرِّيح فَجَعَلَ الْمَاء عَلَى مَتْنهَا , ثُمَّ وَضَعَ الْعَرْش عَلَى الْمَاء "
وغيرها من الاجتهادات.
وبالتالي فالماء ليس مادة أزلية كما يدعي وانما هي مادة مخلوقة خلقها الله تعالى قبل خلق السموات والأرض شأنها شأن بقية المخلوقات
وماأثار دهشتني استعانته بالاية الكريمة :" وجعلنا من الماء كل شئ حى" رغم انها لاتخص موضوعنا هنا من قريب أو من بعيد فهي تشير الى أن جميع المخلوقات مخلوقة (أو يدخل في تركيبها بشكل أساسي) الماء كما جاء في تفسير ابن كثير:
"وَقَوْله " وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاء كُلّ شَيْء حَيّ " أَيْ أَصْل كُلّ الْأَحْيَاء . قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو الْجُمَاهِر حَدَّثَنَا سَعِيد بْن بَشِير حَدَّثَنَا قَتَادَة عَنْ أَبِي مَيْمُونَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ قَالَ يَا نَبِيّ اللَّه إِذَا رَأَيْتُك قَرَّتْ عَيْنِي وَطَابَتْ نَفْسِي فَأَخْبِرْنَا عَنْ كُلّ شَيْء قَالَ " كُلّ
شَيْء خُلِقَ مِنْ مَاء "
والتفسير لا يشير بالمرة ان الذات الالهية مخلوقة من ماء أو ان الماء مادة أزلية فلماذا استعان بهذه الآية؟
والغريب انه نقل تفسير ابن كثير في آية "وكان عرشه على الماء" ولم ينقل منه تفسير آية"وجعلنا من الماء كل شيء حي" ولو فعل ماكان ليستعين بها في بحثه.
وفي وصف الكاتب للعرش وكيف ذكر في القرآن محمولا من قبل الملائكة ومنهم ايضا حافون من حول العرش وكيف ان الله استوى على عرشه بعد خلق السموات والأرض فانه يتهم القرآن بنقل صورة مادية ملموسة عن الذات الالهية وعرشه المحمول من قبل
الملائكة المخلوقين وهو امر حير المسلمين طويلا:
{الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون}
{والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية }
{ وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين}
واستغرب الكاتب من فتوى العلماء بخصوص تلك الآيات : "فكان على المسلم ان يؤمن باستواء الله على العرش دون ان يسأ ل عن الكيفية "...ولم لا؟ ...ان الله تعالى فعلا "ليس كمثله شيء"" و ما أدراك ان العرش هو عرش ملموس و محمول فعلا؟ انما قد يكون هذا
تصوير مجازي لأن الحقيقة تفوق قدرة العقل البشري على التخيل وهل الماء الذي يحمل فوقه العرش قبل خلق الملائكة و الخلق هو ماء فعلا كالذي نعرفه و نشربه؟ماأدراك بهذا؟
وهكذا لا نستطيع تطبيق خواص المادة على الذات الالهية لأنه تعالى خالق هذه المادة وخالق قوانينها فلا يسري عليه أي منها كقانون الجاذبية "في تصورنا لفكرة الثقل وحمل العرش" و قانون المكان"كتواجد الملائكة حافين حول العرش" وقانون الزمان"كتواجد العرش على الماء قبل خلق السموات والأرض".
ذوالجلال والاكرام تبارك وتعالى عن كل مالايليق به ...
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق